التدخين ومخاطر الادمان

التدخين ومخاطر الادمان

يقول رجال شرطة المرور في المانيا انه ليس من الغريب ان يخطىء سائق السيارة المدخن بالالوان فيخرق إشارة المرور عند اللون الاحمر متسببا باضرار بليغة للمارة ولنفسه .
ويبدو ان مثل هذه التهمة الجديدة ، بعد السرطان والربو وامراض الجهاز التنفسي وغيرها ، الموجهة الى دخان السجائر ما عادت اسطورة بعد ان اثبتت الدراسات الحديثة ضلوع النيكوتين وسموم التدخين الاخرى في التسبب بخلط الالوان عند المدخنين الثقيلين .

تؤكد ذلك دراسة اعدها الدكتور كارل ايرب من مستشفى العيون في جامعة هانوفر الالمانية .

ـ من هو الاخطر في الدخان ؟ النيكوتين أم القطران؟
لا شك ان الحديث التفصيلي عن مخاطر التدخين ومضاعفاته يكفي لان يملأ مكتبة باكملها او اكثر لكننا سنتطرق هنا للحديث عن اهم السموم المتواجدة في دخان السجائر قبل ان نلج موضوع المضاعفات .
النيكوتين ليس الا مادة ضارة واحدة من مجموع مواد ضارة يحتويها الدخان ويتجاوز تعدادها الثلاثة الاف مادة. الا ان النيكوتين هو السبب الاساسي للادمان على الدخان بسبب تأثيره المنعش والمهدىء في ذات الوقت على الجهاز العصبي للانسان .
ويعتبر النيكوتين ساما حينما يتم تناوله بشكل مكثف وربما تتسبب سيجارة واحدة ، حسب تقديرات المختصين ، الى الموت اذا ما لاكها طفل صغير بين اسنانه .

اما المواد المسببة للامراض السرطانية بشكل مباشر فهي السموم الاخرى التي يحتويها الدخان ولذلك تسمح السلطات الصحية ببيع علكة النيكوتين ولصقات النيكوتين ، ودون الحاجة الى وصفة الطبيب ، لتخليص الانسان من الادمان اولا.
فالسموم الاخرى مثل القطران والمواد المكثفة تنطوي على مخاطر اخرى كثيرة جداً.

والمواد الضارة المتطايرة عن التبغ تصنف في كافة الاحوال ضمن المواد التي يطلق عليها اسم الهايدروكربونات الاروماتية المتعددة الحلقيات Polycyclic Aromatic Hydrocarbones التي تتفض وتعيد تشكيل وتركيب نفسها بتأثير الحرارة والعوامل الاخرى. وربما ان اخطر المواد سمية والتي تم الكشف عنها في دخان السجائر هي الاحماض النتريكية اضافة الى بعض المعادن واملاح هذه المعادن مثل النيكل والكادميوم .

ـ المضاعفات:
ـ عموما تعزى 25-30% من كافة الاصابات السرطانية التي تنتهي بالموت على المستوى العالمي الى التدخين .
ـ اصبحت علاقة التدخين بسرطان الرئة في حكم المفروغ منها من الناحية الطبية منذ فترة، هذا ناهيكم عن علاقة التدخين بمخالب السرطان التي تطبق على حنجرة الانسان وتجويف الفم والمري والمعدة.
ـ يعتبر المدخنون من اكثر الناس عرضة للاصابة بسرطان المثانة والطحال وربما الكلية ايضا.
ـ توجه اصابع الاتهام بشدة الى السموم المنطلقة من دخان السجائر، اضافة الى الفيروسات، في حالات الاصابة بسرطان الرحم .
ـ دور التدخين في نشوء حالات اخرى مثل سرطان الدم وسرطان الامعاء الغليظة ما يزال موضع جدل الا ان العالم يتعامل مع الدخان في هذه الحالة كمشبوه لم تثبت جريمته بعد.
ـ وطبيعي لايسعنا هنا ، ونحن نركز على الامراض السرطانية ، ان ننسى دور التدخين في حصول وتفاقم امراض القلب والدورة الدموية .

ـ مخاطر الوفاة بسبب التدخين :
يموت عادة ربع المراهقين، الذين يبدؤون التدخين في هذه السن ويعجزون عن الكف عنه ، وهم في سن يتراوح بين 35-69 كما يموت ربع اخر منهم وهم في سن السبعين بسبب العواقب المباشرة للتدخين .
وحسب اراء الاطباء المختصين بامراض التبغ يبدو أن فترة الدوام على التدخين تلعب دور كبيراً في هذه النسبة. ومن يكف عن التدخين يتمكن ، على الاقل ، من رد هذه العملية على اعقابها جزئيا وان يمد في عمره ويعود الى مستوى اعمار غير المدخنين كلما اسرع في الكف عن التدخين .

واليكم الان هذا السؤال الهام الذي يتعلق بمضاعفات التدخين :
هل ينفع التحول من السجائر القوية الى الخفيفة في انقاذ المدمن من عواقب التدخين ؟
على الاكثر لا. لاحظوا ان نسبة النيكوتين والمواد الاساسية الاخرى في التبغ مكتوبة على علب السجائر التي تشترونها من المخازن او الالة الاوتوماتيكية الا ان لكل مدخن عاداته الخاصة في سحب الانفاس وطولها وكمية الدخان المستنشق .. . الخ . وتثبت العديد من الدراسات التي اجريت حول هذا الموضوع ان معظم " المتحولين " من السجائر القوية الى السجائر الخفيفة يسحبون انفاسا اطول ، ويدخنون عدد سجائر اكبر بغية الحصول على ذات كمية النيكوتين التي ادمنوا عليها ووفرتها لهم في السابق سجائرهم القوية المعتادة . ولهذا فان السبيل الوحيد لتجنب مضاعفات التدخين وعواقبه ( وخصوصا الامراض السرطانية ) هو سبيل الانقطاع الكامل عنه .

ـ هل هنا ك فرق بين السيجارة والسيجار والغليون ؟
تثبت دراسات و فحوصات عديدة بان الفرق بين السيجارة والسيجار والغليون ، من ناحية المضاعفات المرضية للدخان ، ليس كبيرا . بل ان هناك ميلا للاقتناع بان مخاطر الغليون والسيجار لا تختلف عن مخاطر السيجارة الا باختلاف نوع السرطان الناجم عنها في كل حالة .
وكمثال يتعرض مدخنو الغليون للاصابة بنسبة عالية من الامراض السرطانية التي تصيب تجويف الفم وملحقاته وبنسبة أقل لسرطان الرئة والى مخاطر اقل للاصابة بسرطان المثانة.
ثبت ايضا ان طرق تعاطي التبغ الاخرى مثل اللوك والشم تنطوي على مخاطر الاصابة بنسبة عالية من سرطان الشفتين والانف وغشاء الفم والقناة الهضمية .

ـ ما مدى خطورة التدخن السلبي ؟
احصى مركز الدراسات السرطانية في المانيا حوالي 400 حالة وفاة سنويا بسبب الأمراض السرطانية الناجمة عن التدخين السلبي .
واعتمدت هذه الدراسة على معطيات احصائية حول نسبة الوفيات بالسرطان بين غير المدخنين الذين يعيشون في وسط من المدخنين . وثبت ذلك ايضا من الفحوصات السريرية التي اجريت واثبتت وجود سموم الدخان في اجساد المدخنين السلبيين المتوفين . كما تم العثور على نتائج عمليات استقلاب ذات علاقة بالدخان في اجساد ، حديثي الولادة والاجنة المجهضة لنساء مدخنات .

واخضع الباحثون في ولاية بادن فورتمبيرج الالمانية بين 1977- 1998م مجموعة مكونة من 8500 طفل وصبي من المدخنين السلبيين ، ممن يعيشون في كنف عوائل مدخنة، الى فحوصات سريرية دقيقة وثبت لهم من خلالها :
ارتفاع قابلية هؤلاء الاطفال للاصابة بالسعال في الخريف والشتاء بنسبة 23-55% وبالتهابات المجاري التنفسية 14 - 25% اكثر من اطفال غير المدخنين .
وبدت الصورة هنا بافظع ما تكون حينما شمل الفحص الصبيان المعرضين للتدخين السلبي . اذ اثبتت الفحوصات ان نسبة التهابات الجهاز التنفسي عندهم ترتفع باكثر من 50% عن نسبتها بين الاطفال غير المعرضين للتدخين . اما نسبة الاصابة بالسعال عند المعرضين للتدخين السلبي فتبلغ عشرة اضعاف نسبتها بين غير المعرضين للتدخين .
وصار العالم يتفهم اكثر نزوع بعض البلدان ، في ضوء هذه النتائج ، لمنع التدخين في الاماكن العامة .

في المانيا ، دفعت هذه الدراسات اتحاد البحث في المواد الضارة في اماكن العمل ، منذ عام 1985 ، الى ادراج " التدخين السلبي " في قائمة المحظورات اثناء العمل التي تضمها قائمة يطلق عليها اختصارا اسم قائمة ماك MAK-List . وتعرّف القائمة " التدخين السلبي " في موقع العمل كاجراء مسبب للسرطان عند غير المدخنين في ذات الموقع .

ـ التدخين وترهل الوجه:
اعلن المعهد الالماني للابحاث السرطانية في هايدلبيرج في نوفمبر1999، واستنادا الى دراسات اميركية ، ان التدخين لا يضر بالرئتين فحسب وانما بجمال وجه الانسان وبشرته .
ويتسبب الدخان ، حسب نتائج هذه الدراسات ، في تحطيم مرونة البروتينات في بشرة الانسان ويؤدي بالتالي الى تسريع عملية تجعد الجلد.
كما يؤثر النيكوتين على الاوعية الدموية المنتشرة في البشرة ويتسبب بتقلصها وبالتالي ضعف جريان الدم اليها واصابة خلايا البشرة بالشيخوخة .
ولهذا الاسباب ايضا نرى ان الادمان على التدخين لسنين طويلة يضفي على وجه المدخن بشرة ضعيفة الحركة والحيوية كانها " قناع ".

وتتعقد وتتسارع عملية شيخوخة الوجه حينما يتزاوج التدخين مع التعرض المطول لاشعة الشمس . فالأشعة فوق الحمراء التي تؤلف40% من ضوء الشمس تؤدي ايضا الى تحطيم مرونة ومطاطية الانسجة الرابطة ويضاعف النيكوتين تأثيرها الضار هذا بشكل ظاهر.
عدا عن ذلك فقد اجرى العلماء دراسات مطولة على علاقة التدخين بعمليات الترقيع الجلدي وثبت لهم ان 74%من مضاعفات ما بعد العمليات تصيب المدخنين .
ولهذا يقول البروفسور راينر درومر من قسم الجراحة التجميلية في جامعة هايدلبيرج ان العديد من زملائه الجراحين يرفضون اجراء عمليات الوجه التجميلية للمدخنين .

ولا بد لنا ونحن في معرض الحديث عن تأثيرات الدخان على جسد الانسان ككل ان نتطرق الى دراسة اميركية اخرى اجريت على الفئران المختبرية وتشير الى علاقة الدخان باضعاف قابلية التئام الاصابات الناجمة عن جلطة القلب .

ا لمصادر:
medizinforum.de
mothernature.com
healthonline.de

مشكوووووور